من أنا
هي مدونةٌ لعابرة سبيل ما فتأت في سَفر البحث عن نوُر الحقيقة، هي مساحةٌ تشكيلية تتبع خيوط الخلل التي سممّت العقول وشوّهت النفوس تجليةً لجمال الوجود وجلاله.
تأثرتْ برمزية قصة “فراشة النور”، ذاك الكائنُ الضعيفُ المهاجرُ الباحثُ عن نفسه في هذا الكون الفسيح. تتقلبْ في أنوار الآفاق والأنفس فيصيبها بعضاً من نورِها ونارِها، وتعودُ إلى سَفَرِها المُقدّر لمّا ذاقتْ زينّة الأنوار وزيفها، فوصلتْ حلاوة الحق بالخير والجمال، وما رجعتْ، وحدثّتْ نفسها: لا تبرحي حتى الاِحتراق، فهو المقصدُ وهو الحياة.
الوجودُ كلّهُ في نظرها مكتبةٌ جميلةٌ جليلةٌ، والناس من حولها كتبٌ وأفكار، بعضُها أغلقتْهَا لما أدركتْ قصورها عن التماهي أو العيش فيها ومعها، فترحلْ بلّب قلبِها قْبلما فقدانه، وبعضُها نَهِلتْ منها الماتع والممتع، والثلةُ قرأتْهَا بعمقِ الحضورِ كلِّهِ، وسمحتْ لعِبَرها في تشكيلِ أخاديدِ الوجدان والأفكار.
كان للفلسفةِ الأثر في تدريب عقلِها على فتح بواباتِ الأفكار وتاريخها، والعلومِ وجذورها، والحَكم الأعلى على عمومِ تلك العلوم، اعتادهُ ذهنها مع ممارسته مُغلقاتِ الأفكار. ثمّ تعلمتْ الصّرامةَ في التفكير المنطقيّ والنقد والتصويب والبحث في ما وراء الوجود والأفكار، وهَذّبتْ النفسَ على أَخذِ الوجود على محمل الجدِّ، فطريقُ النفس المطمئنة تأنف من كل ما هو هزلٌ ولهوٌ. وأدركتْ الفارق بين أنْ تكون على قيْد الحياة وأن تكون على قيْد الوجود، وأنَّ التفلسفَ الحاضرَ يعني الاعتبارُ بالمنهج لا بالطُروحاتِ الجاهزة والمعلومات المتكاثرة وضيقِ العقول.
ثُمّ استَقَر شُهودُها لصورتِها في مرآةِ الحقيقةِ الجليّةِ من أنوار كنوزِ نصوص الوحيين وكل ما نُسج حولهما من نظريّات ومناهجٍ وما تَشكّل من معارفٍ وعلومٍ، منذ بداياتها إلى نهاياتها مروراً بتطوراتها، فَلَزِمتْ المنهج ولَحِقَتْ الكِرام. والله مِنْ وراءِ القَصْد.