كما لكل شيء، أو قيمة، أو مشاعر.. طبقات تتنوع وتختلف تبعاً للبيئة والمكان والزمان، فإن للوحدة التي تجتاح وجدان الإنسان مدارج تقوى أو تضعف أو تفنى بفناءه الهزيل!

أن تكون غائباً فكراً وقلباً في أماكن أكثر من أماكن فذلك من مدارج الوحدة.

أن تلفك الوحدة في موطن إلا أنها وحدة أليفة متناغمة في صدرك، وأن تغمرك وحدة ذات طبقات عميقة غائرة مع ذكرياتك في موطن آخر، فذلك من مدارج الوحدة.

أن تتراخى مع وحدة وترافقها في هنيات زمانك المتبقي، وأن تظل تقاوم وحدة بينا تقتحم قلبك كلما لَفَظْتَها وأدرتَ ظهرك لها فتظل معها عالقاً بين مدِ وجزر فذلك من مدارج الوحدة.  

أنْ- وبينما غادرتَ ميناءً حَملَ لكَ كل مرادفات المعاني الموغلة في الهروب، رُددتَ إليه بعد عقد من حساب البشر ودهر من حساباتك لتحيا دقائق الماضي وتستأنف ما كان معلقاً من معاني الوحدة، فذلك من مدارج الوحدة. 

أن تدرك أنّ شعارك الأزلي “يا ليتني كنتُ نسياً منسياً”، خاض وجال وحلّ وارتحل ليستقر في “لن أكلم اليوم إنسياً”، ذلك -لعمر الله- من مدارج الوحدة. 

الزيارة الثانية إلى دمشق بعد تحريرها

ذو الحجة ١٤٤٦ / حزيران ٢٠٢٥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *